٨٠٪ من النجاح يكمُن في الحضور –
حينما قرأت هذه الجملة بالتويتر والتي عقلت إحدى المغردات عليها : (اننا يجب ان نسقطها علي كل شيء عملنا منازلنا ..إلخ)
أخذت أفكر وأفكر..
ما هو (حضوري) بالنسبة لأبنائي وأسرتي!!
حياتنا مليئة بالإلتزامات والواجبات وقوائم طويلة تحتاج إلى الإنجاز نسقطها دوماً في جدول يومي ونحاول أن نركض علنا ندرك بعضها قبل إعلان اليوم لنهايته.. ثم جئنا وأخذنا هذا الجدول واقحمنا فيه أعمال أخرى ثانوية جاءت لتزاحم أعمالنا الأساسية فاختلطت علينا الأمور وأصبحت الأولويات غير واضحة!! أجدني أحياناً كثيرة أعزم للنهوض من الكنبة لأدخل ابنتي حوض الإستحمام وألبسها ملابس النوم لكنني أمسك هاتفي لأرد على فلانة وأشارك الحديث مع المجموعة الفلانية في الوتس أب أو التويتر أو أنهي حديث مطول مع إحدى المتصلات ثم ألتفت نحو الساعة وأقول :يا الله ما يمديني أسوي شيء!! فأسرع وأدخل ابنتي لتستحم على عجالة وأرفض محاولتها الصغيرة للعب في الماء وأتوتر واتنرفز.. أو أجدني كثيراً أصفف شعر ابنتي بمبالغة ودون سبب ثم أغضب لأنها لعبت وقفزت (واختربت التسريحة!).. أو أشتري لإبني لعبة ثمينة بها مليون قطعة وقطعة فأصرخ عليه لأنه أضاع أجزاءها.. أو آخذهم في نزهة في يوم مزدحم بالإلتزامات أصلاً ثم لا أجد وقت لأبتسم خلال النزهة لأن ذهني وشعوري يحاولان ترتيب المواعيد عل الوقت يسعف..
حينما نعيش حياتنا مثقيلين بجداول ومشغولين بتقريباً (اللا شيء) يذكر فإن ذلك يزيد من توترنا ويقلل من سعادتنا.. النتيجة تكون الكثير من الصراخ والكثير من التوتر والكثير من النقد.. وللأسف هذا ما سيكون شكل (حضورنا) في أذهان أبنائنا!!!
أعرف العديد من الأمهات الرائعات اللاتي كن قمة في التنظيم لكن أبناؤهن يتذكرن (الصراخ) فقط!! أعرف الكثير من الآباء المتفانين في تربية أبنائهم ليكونوا الأفضل والأحسن لكن صورتهم في أذهان أبائهم هي (الناقد)!! كثيراً ما تضحك بعض الأسر في التجمعات العائلية على بعض مواقف الطفولة فيتذكر الجميع بعض المشكلات ويضحكون على ردود أفعال آبائهم وأمهاتهم فيحاول الأم أو الأب أن يبرروا ردود أفعالهم وسط ضحكات يفتعلها الوالدين لتغطي شعورهم الحقيقي بالحزن..
أحاول أن أقيم نفسي.. هل ستتذكر ابنتي تلك الملابس الغالية التي ألبستها أم أنها ستتذكر نظرتي الحادة وأنا أحذرها إن أتلفتها.. هل سيتذكر ابني نزهته مع أصدقائه في سيارتي أم سيتذكر جملة (هين بس نرجع البيت بتشوف!) حينما أخطأ وأحرجني.. هل ستتذكر طفلتي الحلويات التي أحضرتها لها أم أنها ستتذكر نرفزتي حينما غطت الشوكولاتة أثاث المنزل!!
لا أريد أن يكون حضوري بالنسبة لهم (آنسة منشن من مسلسل سالي).. أعرف أنني لن أكون الصورة المثالية التي يصورونها بالأفلام والمسلسلات لتلك الأم الوردية.. بل بالعكس كثيراً ما تكون ردود أفعالي مشابهة لشخصية الأم الشريرة بالأفلام.. لكنني أعرف ما أريده.. أريد صورة ذهنية طبيعية تعكس مشاعري تجاههم.. مشاعر الحب.. ترجمتها تكون بين الدلال والحزم.. فأطفالي سيتذكرون كلماتي حينما أمدح شكلهم.. ولعبي معهم بأي لعبة مهما كانت رخيصة الثمن.. ومشاركتي لهم أكل الحلويات بنهم.. وغناءنا النشاز معاً.. ومسحي لشعر ابنتي وأنا أعمل لها ظفيرة غير مرتبة.. وتجهيزي لعشائهم بيدي قبل توجهي لإلتزام اجتماعي..
هي حياتنا.. ذكريات جميلة.. كلما زادت بساطتها كلما كان (حضورها) بالأذهان أعمق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق